ثقافتنا هي التي تشكل هويتنا وشخصيتنا، فمتي نقرأ نعرف من نحن، ونكتب سطوراً في تاريخ قد نكون جزءاً منه، وإذا كانت القومية العربية هي تلك الثقافة التي شكلت هويتنا في الستينيات، فنحن الآن لا نعرف معناها، بل لا نعرف من أين أتي لنا هذا المصطلح، وأطلقنا حكماً بالتخلف الحضاري علي من يعيش زمن الوحدة في هذا الوقت، فقد أصبحت القومية العربية عند معظم الشباب ضرباً من الخيال أو الأحلام المستحيلة،
بينما يعيش آخرون منعزلين عن المجتمع، لأنه رفض تقبل أحلامهم التي تتحقق عندما يحدث تحالف بين تلك الدول الـ٢٢، التي اتفقت علي ألا تتفق، وعندما تتحرر الأرض المقدسة التي احتلت منذ ٥٩ عاماً.
والآن ونحن في القرن الـ٢١، أصبحت القومية العربية عند البعض مجرد «محطة أتوبيس»، علي الرغم من أنها كانت واقعاً عندما أعلن الزعيم الراحل جمال عبدالناصر «الجمهورية العربية المتحدة» عام ١٩٥٨، وأصبحت مشاكلنا اليوم تتلخص في: لماذا يكره العرب مصر؟ ولماذا تتحمل مصر دائماً ثمن الدفاع عن العروبة؟ ولماذا مصر متهمة دائماً بالخيانة لأنها وقعت اتفاقيتي السلام وكامب ديفيد؟ ذلك المنتجع الذي شهد اتفاقيات العرب مع إسرائيل، واتفاقية «أوسلو» ١٩٩٣ التي شهدت ضربة قاضية لمبادئ القومية العربية فقد شجعت علي التطبيع مع إسرائيل واستمرار المفاوضات معها.
ومن الواضح بالفعل أن قضية الوحدة العربية أو القومية، أصبحت بالفعل خيالاً علمياً، فيقول محمد فوزي (٢٥ سنة): إنها مفهوم غير واضح، فمنذ ولدت وأنا أسمع به، ولكن لم يتبرع أحد ويشرح لي معناه حتي الآن، فما أعرفه أن لكل دولة مصالحها الخاصة، وأن دولاً مثل دول الخليج لن تتخلي عن مصالحها من أجل عيون القومية العربية، بدليل وقوفهم مع أمريكا ضد العراق العربية.
ويؤكد الرأي نفسه خالد علي (٢١ سنة) الذي قال: القومية العربية حسب ما أسمع عنها، ولدت علي يد جمال عبدالناصر وماتت معه، فمصر في الستينيات ضحت بمصالحها من أجل القومية العربية، وردت الدول العربية الدين في حرب أكتوبر، ومنذ هذا الوقت والقومية العربية في قبرها أو في بعض عقول المثقفين فقط.
وبسخرية يرسم أحمد داوود (٢٦ سنة) صورة للقومية العربية قائلاً: القومية العربية، هي أن يهان وزير خارجية مصر في القدس علي أيدي الفلسطينيين، وأن يرقص رؤساء الدول العربية في مقتل السادات، وأن يهان المواطن المصري في دول الخليج، وبالطبع أن تحارب الدول العربية إسرائيل لآخر جندي مصري.
وحول المشاعر تجاه الدول العربية، يؤكد باسم عباس، أن الدول العربية تكره مصر وأن شعوبها تكره المصريين، ويؤكد باسم أن هذا الكره نتيجة طبيعية لإحساس العرب بالنقص تجاه مصر، رغم كل الأموال التي يملكونها، ويؤكد باسم أن الوحدة مع إسرائيل قد تكون أقرب للحقيقة عن فكرة القومية العربية، فعلي الأقل الإسرائيليون سيحترمون المصريين.
ويؤكد المشاعر نفسها أحمد يسري (٢٣ سنة) الذي قال: الدول العربية تكره المصريين، ولا داعي لأن نخدع أنفسنا بحديث حلو عن قومية ووحدة عربية، فمن يشاهد ما يحدث مع الفرق المصرية التي تلعب مباريات في الدول العربية، سوف يعلم مدي ما تكنه الدول العربية لمصر من مشاعر، فمن المعتاد أن تُضرب الفرق المصرية والجماهير في بعض البلاد العربية، ولا يمنع الحياء بعض الجماهير من سب الجماهير المصرية ومعايرتها بأنها «تأكل الفول».. هل هذه هي القومية العربية؟
وعلي الخط نفسه يؤكد محمد سامي (٢٤ سنة) أن القومية العربية شيء تاريخي، إذ ظهرت علي يد جمال عبدالناصر ونجح فقط، لأن الدول الخليجية كانت لم تصل لثروات النفط بعد، أما الآن فالدول العربية تعتقد أن كل شيء يقدر بالمال، وبالتالي ترفض الانصياع لرأي مصر، معتقدة أنها دول كبيرة بالفعل.
ويوضح أحمد سعيد أن مصر لا تحتاج للعرب، فالثقافة المصرية هي السائدة، والفن المصري بها لا يتأثر بنظيره العربي، وحتي علي مستوي الرياضة، فالعرب غير متفوقين في أي شيء، ومن الأفضل الالتفات لدول أفريقيا ودول حوض البحر المتوسط، فهذه دول تستحق بتاريخها أن نستفيد منها.
ويري عمرو فاروق (٢٦ سنة) أن الدول العربية وفكرة القومية العربية تستحق إعادة التفكير، فخلال عشرين عاماً مضت لم تفيدنا القومية العربية بشيء، في حين أن الهجوم علي مصر مستمر دون انقطاع، فكل نكسة تحدث في فلسطين تكون مصر هي السبب، وأي أزمة تحدث بالحج يكون الحجاج المصريون هم السبب، حتي في الإرهاب قالوا إن رؤوس الإرهاب كلها مصرية.
بابتسامة ساخرة، يرد سمير السيد علي سؤالنا حول القومية العربية، ثم يستطرد قائلاً: القومية العربية بالفعل موجودة ولكن في كتب التاريخ فقط، ويدعو سمير المسؤولين إلي الالتفات لمصر ومصالحها والتخلي عن مثل هذه الأفكار القديمة.
الدول العربية باعت القومية العربية بآبار البترول، وعلي مصر أن تبحث عن مصالحها وألا تربط قضاياها بقضايا العرب الخاسرة، ويؤكد سمير، عدم احتياج مصر لأي دعم من دولة عربية علي المستويين السياسي والثقافي، فتاريخ مصر لا يعترف بدعم أي دولة عربية له.
وتؤكد صافي عزيز أن العرب يكرهون بعضهم ويكرهون المصريين، والدليل علي هذا غرف الشات التي تحمل كميات شتائم رهيبة لكل العرب، والمصريين علي وجه الخصوص، وكذلك الرسائل القصيرة التي تظهر في قنوات الأغاني الفضائية التي تعبر بكل صدق عن حال القومية العربية.
المصدر : جريدة المصرى اليوم
موضوع: س: ما تعريف «القومية العربية»؟..ج: محطة أتوبيس في إمبابة! 
الإثنين 21 مايو 2007, 10:53 am
