صـــــــــورة....

هل جربت ان تغوص فى اعماق نفسك....؟
هل جربت ان تعيش خارج حدود الزمان والمكان....؟
هل جربت ان تفكر فى افكار دائما هى واحده لا تتغير....؟
هل جربت ان تدور فى الفراغ حول عقلك انت فقط....؟
لقد عشت فى هذا الجو مدة من الزمن.......مدة من الزمن
كلمات _ ما اقصر عمرها نطقا وكتابة _ لا يستغرق النطق بها الا اقل من ربع ثانية
ولا تتطلب كتابتها من الحروف الا النزر اليسير.
ولكن كيف يتأتى لانسان ان يعبر _ حتى لنفسه وحده _ بالنطق والكتابة عن حياة كانت
تأكله خارج معايير البديهيات والمعقولات......!!!!!!
لن يفلح احد ابدا فى التعبير عن هذا الخلاء النفسى وهذه الوحده الروحيه كيف تدمر وتحطم
وحدة قاتلة عشت فيها لسنوات
وحدة لاحقتنى طول عمر هذه السنوات
كنت اتحدث الى الناس بلسان لا يلتحم بالحروف المنطوقة ولا تأخذ منه اكثر من تحريك نمطتى للشفاه
دون العقل والقلب والروح
دلتنى علامات هينة خلال تلك المدة انزعجت لها ..... ان عقلى قد يختل...!
كنت اظن اننى استطيع ان احتفظ بوضوح ذهنى اذا مثلت امام انسان احاوره ... كنت احاول ايهام الجميع
اننى استطيع ان افرق بنجاح فى ذهنى بين ما ينبغى وما لا ينبغى قولا وعملا..
كنت فى كثير من الاحيان....لا اقوى على النطق ولو بعبارة موجزة دون ان اتلعثم
اذ اظل انطقها فى معركة ذهنية واجرى خلفها فى عقلى كله كمن يطارد لصا...!
وما ان اقبض عليها حتى اسلمها الى لسانى الذى يسجنها بدوره فى عقل محدثى..
كنت انظر الى عيون محدثى كالخاضع للتنويم المغناطيسى وكان ذلك فى محاولات يأسة لسحب ثقته
بنفسه كى لا يلاحظ خواء كلماتى او توعكها وهى تنطق...!
كنت اجلس فى غرفتى بالساعات ساكنا لا اتحرك
كان الوجود كله فى كثير من الاحيان اشياء ثابته جامدة لا تتحرك
منزل وشارع وطريق
كلها واحده لا تتغير
كان منظرها قد اصبح مفزع وكنت احيانا اسأل نفسى:
كيف كنت احب هذه الاشياء فى السابق...؟
سؤال كان يلهب عقلى ويقهرنى يوميا
وفى يوم ما رجعت الى منزلى ادفع نفسى دفعا اليه كعادتى....
وما ان دخلت حتى ثبت عينى على الجدران كما اصنع يوميا وفجأة
تحجرت نظراتى ووقفت على شئ مختلف
شئ ما برز اطاره خارج _ جيب _ معطف والدى...!
واقتربت وظننت اننى اتبين تحت القماش المشدود شكلا مستطيلا يوحى بأنه صورة..
ارتعشت ركبتاى....ولمعت فى ذهنى فكرة كالبرق....وامرنى عقلى ان ..حاول ان تمد يدك لترى الصورة...!
لم تكد هذه الفكرة تخطر فى بالى حتى سرت كالسم الزعاف
اخذت اذناى تطنان..وقلبى يخفق..ويداى تثلجتا وكأنها شلت
ولما انقضت بوادر حيرتى التصقت بالمشجب بحركة محتالة ماكرة وانا لا ارفع نظرى عن الباب
جال بخاطرى للحظة ان ما احاول فعله خطأ كبير
ولكن النهم الذى اثاره عقلى تجاه الصوره كشئ مختلف سوف اراه
وهو منى على بعد خطوات او حركات ليد ويكون فى قبضتها ملك على كيانى
ومنيت نفسى بان عينى عما قليل ستقع على شئ كنوع من تغيير المألوف هكذا انتظمت افكارى
وملأت فراغى بدلا من ان اترك نفسى عائما لا تقودنى الا افكار واحدة جامدة لا تتغير
وجدتنى بصفاء ورضا نفس لن استطيع وصفه مهما عذبت الحروف لتلقى
على الاوراق اروع اوصافها فلن تعطى الوصف الكافى لذلك الاحساس
ادفع نفسى لما اقدمت عليه......
وهكذا فكرت وبذلك قررت
وما كدت امد يدى حتى دخل والدى....
ولفرط دهشته لغرابة وقفتى تلك دفعنى برقه بالغه بعيدا عن المشجب
وقال:
اثارت فضولك الصورة...؟
وبلا ارادة منى قلت:
نعم
قال:
اتريد ان تراها..؟
وبنفس الانقياد للمجهول قلت:
نعم
قال خذها فهى لك
كانت مقلوبه و لم اشأ ان اراها امامه
وبكل احساس المنتظر الملهوف قفزت بها الى غرفتى كمن ظفر بقطعه من الذهب
واعتدلت لها احتراما للشئ المختلف الذى سوف يدخل حياتى حتى ولو للحظات
وما ان قلبتها حتى اخذتنى المفاجأة...
انتفض جسدى كله وزلزل كيانى ودارت بى الغرفة دورات سريعة ومتلاحقة
ثم اندفعت الدموع من عيناى كالشلال الهادر
ثم احتضنتها وسافرت معها الى الماضى
تذكرت طفولتنا والعابنا وافراحنا
تذكرت الدموع التى كانت تزرف وقت مرضى
تذكرت نفس الدموع وهى تزرف مره آخرى وقت شفائى
تذكرت طرقا رأت منا لهوا ملأ الدنيا ضجيجا
تذكرت يدا حانيه كانت تلتف حول عنقى فى اعلان صارخ للمحبة الطفوليه الجميلة
تذكرت حضنا كنت ارتمى فيه وقت حزنى ويدا تمسح دموعى بكل حنان
تذكرت حبى وانا اقذف بأولى كلماته
تذكرت كلمات دفعتنى الى اتمام ذلك الحب
تذكرت وقت انهيار ذلك الحب وكيف كنت فى امس الحاجه الى ذلك القلب
وتلك اليدين وذلك الحضن وتلك الدموع
تذكرت آهات اطلقت ولم يرد عليها الا صداها
تذكرت دموع تحجرت ولم يسيلها الا نار الحرمان
تذكرت صرخات دوت بين جدران لم تحن يوما لأناتها
تذكرت وجه شحبت اوداجه من قسوة الم رفضت الجبال تحمله
تذكرت كيف كنت اتابع الياس وهو يذبح الامل
تذكرت حجرتى التى رفضت دخولى اليها منفردا
تذكرت ..... تذكرت
تذكرت اياما اعتقدت لسنوات ان النسيان قد جعلها ماض باهت و اتى عليها
وما عدت لوعيى الا على سخونه دموعى التى الهبت جسدى فخفت على الصورة..
فوضعتها على الجدار وتأملتها من بعيد...
ومنذ تلك الليلة لم اشعر بوحدة ابدا...
فما اكاد انهى يومى حتى اطير مسرعا الى غرفتى اتأمل الصوره كمن يراها لاول مرة
اكلمها يوميا
اقص عليها اخبارى واحوالى
ابثها جروحى واشجانى
كنت احاول جاهدا ان استنطقها...!!
ولكنها ابدا لم تتكلم
ابدا لم ترد
فكيف لصورة ان تتكلم...!!
ولكنى رغم ذلك كنت فى منتهى السعادة وانا احاورها...
فما كانت الا صورة اخى الذى غادر الدنيا
وتركنى وحيدا وحيدا
ولكنه ترك جزء منه يؤنسنى حتى الحق به

ممتاااااااااااااااااااااااااز

على الموضوع الجامد دة

أنك أخذت كل أفكاري وتفكيري

ونبضات قلبي...
وتركت لي عينان أرى من خلالهما

كلماتك