همســــــــــه صارخــــــــــــــه

السلام عليكم

سأقص عليكم يوميات قلوب جريحة ربما كان هذا القلب قلبي، وربما كان قلبك أنت.
وربما كانت قلوبنا جميعا.
فحتما ستأتي على قلب كل منا لحظات يشعر فيها أنه جُرح، أو أنه عاش في قوقعة الحزن والإنكسار.
تابعوني إن أردتم أن تتعرفوا على خلجات قلوبكم وقلوبنا وقلوب أناس كثيرين حولنا

همسة صارخة
رأيتنى أمشي على استحياء.. أتلثم بلثام الخجل.. عاودني الحنين إليه.. ما زالت يداي تتذكران رقة لمساته.. وذلك الدفء الذي كان يسري في يدي حين ألمسه.

منذ نعومة أظفاري لم أعرف صديقا غيره، أحتويه ويحتوينى، أهمس في أذنه بمكنون صدري فلا أجد غيره يفهم أهات قلبي.

نظر إلى عيني وقد أطرقت رأسي خجلا منه. لمسته بيدي فوجدته يبتسم إلي برقته المعهودة ويلملم شتات أفكاري بحنانه الجارف. سمعت صوت صمته وهو يقول لي: حبيبتي،
قد كنا يوما نحلم سويا،يداعبنا نسيم الأحلام، نمتطي صهوة جواد الأمل،
نعيش معا أسعد اللحظات، نقف صامدين أمام أصعب المواقف،
فما زلنا كذلك حتى مرت بنا السنوات، وخلعنا ثوب الطفولة الندية،
واصطدمنا بطعنات ما زالت نقوشها غائرة في قلبينا حين رأينا واقع الحياة الأليم
وقد أصبحت القسوةعهد معهودا وواقعا موجودا، فكان صراخنا الصامت وصمتنا الصارخ.

وتوالت الجروح فكلما كبرنا ونضجنا، وجدنا واقعا إليما نحياه ويحياه من حولنا.
فما زلنا كذلك حتى رأيتك وقد سأمت الحياة معي،
فأصبحت مثلهم تتنكرين لمن أحبك وأخلص لك.
ولكني لا يمكننى أن أنسى رفيقة دربي فها أنا حين لمحت الدموع تغرق مقلتيكِ هرولت إليك حبيبتي.

لم أجد من الكلمات ما أعتذر بها إليه فقد هجرته شهورا وشهورا
ولكنه كعادته حين أحتاجه أجده واقفا إلى جواري.

نظر قلمي إلي مبتسما بحنانه المعتاد وقال:

ما الذي ذكرك بي اليوم؟!!!

قلت له: اليوم كنت أقلب صفحات الجريدة فطعننى ذلك الخبر في قلبي طعنة الموت.

- أي خبر ذلك؟!

خبر وفاة تلك المرأة العجوز التي لم يكتشفوا أمر وفاتها سوى بعد موتها بأيام بعد أن انتشرت الروائح الكريهة من شقتها.

قد شمت أنفوهم تلك الروائح فهرولوا إليها.
بينما شممت أنا رائحة القسوة والجحود في قلوب أولئك البشر.

هذا الخبر يا قلمي الحبيب ذكرني بامرأة أخرى قد بلغت من الكبر عتيا،
واشتعل رأسها شيبا، وانحنت منها عظام الظهر وأنحنت معها أحلام عمرها حينما لم تد حولها زهورها اليانعة التي روتها بماء شبابها.

لم تجد سوى أشواكا دامية.. تنكرت لها ونسيت أن هناك بذرة كانت لهم وعاء،
ويدا كانت لهم دواء، وعيونا عليهم ساهرة ،ونبضات لأحلامهم حاضنة.

واليوم بعد أن ذبلت نضارة البذرة لم تجد من يرويها.

فها هم ابنائها كل في طريقه لا يعرفون عن حال أمهم شيئا!

وكم من ابناء مثلهم لم يروا أمهاتهم منذ شهور وشهور!

وكم من ابناء يعيشون مع امهاتهم في نفس المكان فلا يسمعوهن إلا أقسى العبارات
ولايمنحونهن سوى أحزن وأمر العَبرات!

لا يجمع أيديهم حضن إناء، ولا تلامس شفاههم نفس السقاء.. يتجرعن مر الوحدة، فتحولت نعمة الإنجاب لديهن إلى نقمة!

ربت قلمي على أناملي الحزينة وقال: حبيبتي دعيهم فلهم ابناء سيكبرون
وهم يرمقون ما يصنعون بعيون واعية ويسمعون ما يقولون باذان صاغية.

الا تتذكرين تلك القصة التي قرأنها سويا.
. قصة ذلك الابن الذي كان يضع الطعام لوالده المسن في طبق خاص بعيدا عن مائدته
التي تلم شمله بصغاره متقززا من أن يأكل مع أبيه ولكنه كان يناله
العجب حين يرى ولده الصغير حريصا على أخذ ملعقة الجد وطبقه
وغسلهم جيدا وحفظهم في مكان خاص.

ولما رأى الوالد حرص ولده الشديد على ذلك سأله لماذا يفعل هذا الشيء
فاجاب بسخرية صامتة: حتى أضع لك فيه الطعام حين يشيب رأسك
وينحنى ظهرك وتصبح في مثل حال جدي.

اه يا قلمي جئت لتخفف عنى فأضفت إليّ هما جديدا.

لا عليك رفيقة دربي ..كوني أنت لهم ابنه بارة ولو لم تكوني من أصلابهن وأصلابهم.
. انزعي شوكة الألم من قلوبهم.. اهديهم وردة من فيض رحمتك وتذكري
ذلك الحديث النبوي العظيم المتفق عليه الذي يقول في النبي صلى الله عليه وسلم:
( السَّاعِي علَى الأَرْمَلَةِ وَالمِسْكِينِ كَالمُجاهِدِ في سبيلِ اللَّه ) وأَحْسُبهُ قال : ( وَكَالْقائِمِ الَّذي لا يَفْتُرُ ، وَكَالصَّائِمِ لا يُفْطِرِ )

فكبار السن هؤلاء منهم الأرامل ومنهم المساكين ومنهم المجروحين من جحود ابنائهم.

مع تحياتي للجميع

محمد

القلب الطيب

ممتااااااااااااااااااااااااااز

ياقلب ياطيب

شكرا روميو